عندما يتحدّث السفهاء
قد يصغي المرء الى عاقل في حديثه،إذا تميز ذلك المتحدث بالوثاقة،في شخصه قولا وفعلا،معروفا بشخصه في مجتمعه،ومع ذلك، فليس كل محمود ثقة،وتحديداإذا ما جاءت محمدته من عالم سفاهة، وليس كل ما يقال يؤخذ على محمل الجد، ويرى بعين الاعتبار، فقد كثر المنظرون وكثر المحدّثون يتحدثون عن الشرف والاخلاق وهم ابعد ما يكونوا عن ذلك فسلوكهم واعمالهم تعكس كذب ادعاءاتهم حين يتكلموا عن الشفافيه والمصداقيه وهم بالفعل بؤره فساد ، هؤلاء وجدوا في زمن تسلط فيه على الناس جمهرة الفساق والسفهاء، فلم يعد يرى غيرهم، في عالم مريض، فقد مصداقيته، وسقط منتحلوه، عدا قليل ممن نأوا بأنفسهم عن السقوط، في خضمّ سفاهة الأقوال وخداع الأفعال.
واذا تزوّد سفيه ادعى المصداقيه بزاد الفجور، خصوصا اذا كان معدنه من ذاك الأصل، فإن حديثه سيكون هذرا ووهما يسوّقه للناس، أقرب الى هذيان مريض حمى النافض، مفضوح المصدر، لا قيمة له عند من هجر بمحضره، لمن يعقل طبعا.
حديث السفهاء لا حدّ له في الكذب واختلاق المزاعم، فهو لا يستوي على قاعدة اخلاقية دينية كانت أم انسانية، ومنشؤه نفسي بالأساس، فصاحبه واقع تحت تأثير هوى أمراضه وأحقاده، التي يحاول جهده إخفاءها، فتظهر من زلات لسانه وفلتات كلامه وحقيقه افعاله .
سفهاء اليوم كما سفهاء الامس، بعضهم من بعض، على نفس الوتيرة من الباطل، يجترّون نفس الموبقة،ويتحمّلون نفس التّبعة، ويجتمعون على مائدة المكر والخداع، ولا يحيط المكر السيء الا باهله.
